من بداياتٍ متواضعةٍ إلى مستقبلٍ مشرق

halah

تبدأ قصة هالة بوضعٍ شائعٍ جدًا للعديد من النساء المتعلمات في الأردن، فعلى الرغم من حصولها على دبلوم لمدة عامين في التسويق وإدارة الأعمال، كافحت هالة  للعثور على عمل مستقرٍ ولكنها لم تستمر في أي عملٍ لأكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر بسبب انتشار الواسطة والمحسوبيّة. تواجه العديد من النساء الأردنيات صعوبةً في العثور على عملٍ في مجال دراستهن مما يتركهن في كثير من الأحيان مع خيارات محدودة. كما أن الوضع الماليّ لهالة وزوجها أصبح غير مستقرٍ فقد ترتب عليهما سداد قرضٍ سكنيٍّ، حتى بعد بيع ممتلكاتهم الشخصيّة لم يكن ذلك كافيًا لتخفيف نفقاتهم براتب زوجها الشهريّ المتواضع البالغ 380 دينارًا أردنيًّا (706 دولارًا كنديًّا)، لذلك كان واضحًا لهالة أنها بحاجة إلى إيجاد مصدر دخلٍ بسرعةٍ للمساهمة في نفقات الأسرة. سمعت هالة عن مشروع روابط وادي الأردن من خلال الصندوق الأردني الهاشمي للتنميّة البشرية- الشريك المحلي للمشروع- وبدأت بحضور دوراتٍ تدريبيّةٍ في كانون الأول من عام 2018. استهدفت هذه الدورات التدريبيّة النساء في وادي الأردن لبناء قدراتهن على إدارة المشاريع التجاريّة وتوعيتهن بالمساواة الجندريّة وضرورة الحفاظ على الاستدامة البيئيّة. تعلّمت هالة خلال تدريبها كيفيّة تحسين مهاراتها في الإدارة الماليّة وتعلّمت أيضًا عملية بسترة المخللات التي تعمل على تحسين طعم المخللات بالإضافة إلى زيادة مدة صلاحيتها. بدأت هالة بصناعة مخللاتها بجدية تامة مستعينةً بالمعرفة التي اكتسبتها حديثًا وبدأت بجنيّ الأرباح، فمن القليل من المدّخرات (42 دينارًا أردنيًّا / 78 دولارًا كنديًّا) اشترت هالة بعض الخضراوات المتنوّعة (مثل الباذنجان والخيار والفلفل الحار) من السوق من أجل صناعة مخللاتها، وكذلك زيت الزيتون للمكدوس – باذنجان محشو بالفلفل والجوز والثوم ومغطى بزيت الزيتون. من هذا الاستثمار الأوليّ، حققت هالة دخلاً صافياً قدره 30 ديناراً أردنيّاً (56 دولاراً كندياً)، وبعد فترةٍ وجيزةٍ من بدء عملها، صنعت هالة لنفسها اسمًا بين قريناتها. قالت هالة بفخر “عندما زارت الأميرة بسمة أحد مراكز الصندوق الأردني الهاشميّ للتنميّة البشرية خلال بازارٍ صغيرٍ، اختارت مخللاتي كأفضل مخللات بالبازار”، مما كان له اثرٌ عجيبٌ على  ثقتها بنفسها وبدأ الجميع يطلبون منهاالنصيحة حول كيفيّة صنع مخللاتٍ أفضل.

halah2

استمرّ مشروع هالة بالتوسّع بمجرد أن بدأ  الصندوق الأردنيَّ الهاشميّ بتنظيم البازارات في جميع أنحاء البلاد وتشجّيع النساء مثل هالة على المشاركة من خلال تغطية تكاليف المائدة التي يتم عرض المنتجات عليها ورسوم النقل، قدّمت هالة أيضًا عيناتٍ من منتجاتها إلى جيرانها وأصدقائها مما أدى إلى توسيع نطاق عملها. وساعدتها المنحة التي تلقتها مؤخرًا من مشروع روابط وادي الأردن على أن تصبح أكثر استقلاليّةً ومكنتها من بناء المزيد من الروابط مع السوق من خلال التفاوض المباشر مع التجار الأكثر نفوذًا في السوق.  المشكلة الرئيسيّة التي واجهتها هالة في مشروعها هي موسميّة بعض الخضروات حيث لا تتوفر جميع الخضروات التي تعتمد عليها  على مدار العام، مما يعني أن بعض الأصناف باهظة الثمن في غير موسمها، لذلك يتوجب على هالة تحديد الخضارالمتوفرة في كل موسمٍ وتغيير منتجاتها وفقًا لذلك، مما قد يعني بيع منتجاتٍ أخرى غير المخللات، وعليه قامت هالة بتنويع إنتاجها ليشمل تجفيف وبيع الملوخيّة ولهذا توسعت أيضًا في إنتاجها ليشمل منتجات الألبان عندما يكون الموسم مناسبًا. حصلت هالة على المزيد من المساعدة في مشروعها من خلال توطيد علاقتها بمؤسسة صرح الجمان، وهو شريكٌ محليٌّ آخرلمشروع روابط وادي الأردن، قدّمت مؤسسة صرح الجمان دورات تدريبيّةً وإرشادًا متقدمًا بالإضافة إلى ربط المستفيدات من خدماتها مع السوق وتسهيل وصولهن إلى معارض الطعام التي روّجت لمنتجاتهن، والأهم من ذلك أن قد قدّمت مؤسسة صرح الجمان أيضًا تدريبًا على التسويق الرقميّ بالإضافة إلى إرشاداتٍ حول كيفيّة اختيارالعلامات التجاريّة المناسبة ومواد التسويق. نتيجة للتدريب والإرشاد الذي استفادت منه هالة ازداد إيراد مشروعها ليصل صافي الدخل الشهري إلى 150-200 دينارًا أردنيًّا (210-280 دولارًا كنديًّا). لضمان استمرار وجودها في السوق واستدامة عملها، وقّعت مؤسسة صرح الجمان على مذكّرة تفاهم مع سامح مول للسماح للمستفيدات من خدمات المشروع بالتواصل بشكلٍ مباشرٍ مع الزبائن والمشترين النهائيين عبر شبكةِ متاجر سامح مول، إحدى تلك المستفيدات كانت هالة مما أتاح لها عرض منتجاتها وتسويقها بشكلٍ مباشرٍ للمشترين النهائيين في فروع سامح مول المختلفة دون لاضطرار لدفع رسوم إيجار محلٍّ تجاريٍّ سامحةً لها بذات الوقت بالوصول إلى مجموعةٍ واسعةٍ من مختلف أطياف الزبائن، مما منحها مزيدًا من الانفتاح على سوق عمان. قد جلبت جائحة الكورونا معها العديد من المصاعب للجميع وهالة ليست باستثناء، فلم يكن صاحب عمل زوجها قادراً على دفع رواتب موظّفيه مما أدّى إلى انعدام دخل الأسرة، وللتغلب على حالة عدم اليقين هذه أنشئ الزوج والزوجة متجرًا صغيرًا خارج منزلهما سمح لهالة ببيع منتجاتها الخاصة وكذلك مواد البقالة المعتادة، وحول ذلك تقول “انخفضت تكلفة إنتاج الألبان لديّ بشكل كبير أثناء الإغلاق حيث أصبحت تكلفة لتر حليب الماعز الواحد الذي كان بـ1 دينارٍ أردنيٍّ (1.85 دولارٍ كنديٍّ) 60 قرشًا (1.11 دولارًا كنديًّ). يمكنني كسب المزيد من مبيعات منتجات الألبان الخاصة بي بما يقارب 200 دينارٍ أردنيٍّ (370 دولارٍ كنديٍّ) في الشهر. اشتريت كميّةً كبيرة ًمن الحلوى والمقرمشات لأولادي بسعرٍ جيدٍ قبل الحظر الشامل بقليل، وبدأت ببيعها لبعض أطفال الحي عندما طلبوا ذلك. خلال فترة الحظر الصّارم كان على الجميع العودة إلى منازلهم والتزامها بعد الساعة 6 مساءًا وتم إجبار جميع المحال التجاريّة في الشوارع الرئيسيّة على الإغلاق. كان جيراني يبحثون عن أي بقّالةٍ لتلبية احتياجاتهم خلال فترة المساء، لذلك خطر لي الاتصال بتاجر جملةٍ كان لديه تصريحًا لتسليم البضائع أثناء فترة الحظر وبدأت بطلب البضائع الأساسيّة التي تحظى بطلبٍ كبيرٍ”. افتتحت هالة متجراً صغيراً في منزلها لخدمة الحيّ وزاد صافي دخلها في تلك الفترة ليصبح 400 دينارًا أردنيًّا (741 دولارًا كنديًّا) في الشهر، ساعدها زوجها وأبناؤها الثلاثة في العمل وكانت لديهم أفكارًا شغوفةً لدعمها لزيادة دخل الأسرة، بعد انتهاء الحظر عادت هالة لصناعة المخللات مع العمل على نمو متجرها الصغير.وبشكلٍ عام، فإن هالة راضيةً عن أدائها ولن يهدأ طموحها في توسيع مشروعها التجاريّ حيث توضح ذلك قائلةً “أريد أن أمتلك سيارةّ في المستقبل القريب لأستطيع البدء بتوفير خدمة التوصيل إلى عمان”، فبالرغم من العثرات التي واجهتها إلّا أنها واثقةً من أنها ستنجح بالصبر والعمل الجاد والإرادة القوية. 

Share:
Author:

Author

  • MEDA (Mennonite Economic Development Associates)

    MEDA is an international economic development organization that creates business solutions to poverty. We work in agri-food market systems, focusing primarily on women and youth in rural communities in the Global South. Our success is measured by income, improved processes, increased knowledge, and the creation of decent work.

Latest Posts

A woman participates in agroprocessing activities in Bauchi State Nigeria.

Alliances and Innovation: Strengthening Women’s Resilience and Food Security in Nigeria

November 21, 2023

Women in Nigeria play a crucial role in food security. Learn how collective action and access to innovative technologies are...

Minister of International Development Ahmed Hussen delivers a speech at MEDA Convention on investing in entrepreneurs.

Building the Next Wave of Prosperity: Canada’s Minister of International Development Affirms MEDA’s Key Role in the Sector 

November 15, 2023

Canada's Minister of International Development, Ahmed Hussen, joined the 2023 MEDA Convention in Toronto to celebrate 70 years of investing...

Celebrating Innovation: Announcing the Victors of the 2023 MEDA and D-Prize Pitch Competition! 

November 15, 2023

The moment we've all been waiting for has arrived! After an inspiring display of entrepreneurial spirit and innovative solutions, it's...