شيخة ربة منزلٍ تقليديّةٍ تأسف دائمًا على ترك تعليمها مبكرًا، اعتادت الاعتناء بأطفالها والقيام بجميع الأعمال المنزليّة، وفي بعض الأحيان كانت تساعد في بيع البقّالة في متجر الأسرة. مع التحاق أبنائها وبناتها في الجامعة وارتفاع تكاليف التعليم في المملكة، شعرت شيخة أنه يتعيّن عليّها المساهمة في نفقات الأسرة. في تشرين الثاني لعام 2018، حضرت شيخة جلسةً حول مجموعات الادخار والإقراض نفذّتها مؤسسة نهر الأردن تعرّفت من خلالها على كيفيّة عمل تلك المجموعات وأدركت أن بإمكانها مساعدة النساء على استثمار مدخراتهن. سارعت شيخة بتسجيل اسمها بسرعة كقائدةٍ مجتمعيّةٍ حيث أدركت إمكانات مجموعات الادخار والإقراض كطريقةٍ فعاّلةٍ لتوفير المال وتمويل أنشطة ريادة الأعمال المختلفة. بعد فترةٍ وجيزةٍ من الدورات التدريبية، تطوعت شيخة كقائدة مجموعات ادخار وإقراض وساعدت في إنشاء 18 مجموعةٍ تتكون كلٌ منها من 30 إلى 33 عضوًا بمساعدة جيرانها وأصدقائها. في كل مجموعةٍ من هذه المجموعات، ساعدت شيخة على تيسير تدريب جميع الأعضاء على عمليات الادخار والإقراض وممارسات الادخار الفضلى وأثبتت نفسها كقائدةٍ مجتمعيةٍ جديرةٍ بثقة مجتمعها. عندما بدأ أعضاء المجموعات مشاريعهم الخاصة، لجأوا لشيخة للحصول على المشورة والتوجيه اللّازميين. كما وقد ساعد الدعم المجتمعي شيخة في تشجّيع النساء على حضور الاجتماعات بأنفسهن بدلاً من أن تتم مترافقهن من قبل أحد أفراد الأسرة الذكور. والأهم من ذلك بالنسبة لشيخة هو أن تدرك جميع النساء في الأردن الدور المهم الذي تلعبّنه في بناء مجتمعاتهن وأن يتحليّن بالجرأة للنهوض بدور المرأة في المجتمع. عندما سُئلت شيخة عن بعض التجارب الشخصيّة في دعم بنات مجتمعها ذكرت قائلة” عند تشكيل إحدى المجموعات وبدء التدريب الأولي على عمليّة الادخار وكيفيّة إنشاء المشاريع الصغيرة، اقتربت مني إحدى عضوات المجموعة وتُدعى شيرين مطالقة وأخبرتني أنّه بالرغم من براعتها بخبز البسكوت والكعك إلّا أنها ليس لديها أيّ فكرة حول كيفيّة تسويق مخبوزاتها”. قامت شيخة بتوجيهها حول دورة محو الأميّة المالية وأسس إدارة الأعمال، وبعد فترةٍ وجيزةٍ أخذت شيرين قرضًا من المجموعة لبدء مشروعها ونتيجةً لإرشادات شيخة حقق مشروع شيرين نجاحًا واستمرّ بالازدهار، وتشعر شيرين بالامتنان لمساعدة شيخة على جعلها صاحبة مشروعٍ ناجحٍ وشخصيةٍ واثقةٍ. ومن المستفيدات الأخريات من إرشاد شيخة تقى بني يونس، وهي طالبةٌ جامعيّةٌ تعاني من الفشل الكلوي، أرادت مساعدة والديّها من خلال تغطية جزءٍ من نفقاتها الصحيّة. شجّعتها شيخة على أخذ قرضٍ من صندوق الادخار لشراء مستحضرات تجميلٍ وحُليٍّ لبيعها لزملائها في الجامعة، مما سمح لها بكسب المال وساعدها في تخفيف بعض الأعباء الماليّة عن أسرتها. حققت شيخة أيضًا نجاحًا في إدارة مشروعها التجاري الصغير، والذي بدأته بـ 70 دينارًا أردنيًّا (130 دولارًا كنديًّا) أخذتها كقرضٍ من مجموعة الادخار والإقراض التي تنتمي إليها، اشترت شيخة بذلك المبلغ زعترًا عضويًّا وأنتجت 20 كجم من الزعتر البلديّ، وهو خليط توابلٍ يحتوي على الأعشاب وبعض بذور السمسم المحمص والسماق المجفف والملح و البهارات الأخرى. من هذا الاستثمار الأولي، حصلت شيخة على دخلٍ صافٍ قدره 30 دينارًا أردنيًّا (56 دولارًا كنديًّا). كما أنها تُعِدّ مجموعةً متنوعةً من الوجبات الجاهزة والأعشاب المجففة، ويبلغ صافي دخلها الشهريّ حاليًا 250 دينارًا أرنيًّا (465 دولارًا كنديًّا)، كما وشاركت شيخة في فعاليّة “كنوز وادي الأردن” الذي نظّمه مشروع وادي الأردن في كانون الأول لعام 2019 وربحت 250 دينارًا أردنيًّا (465 دولارًا كنديًّا) وتنسب تجربتها في البازار إلى فتح آفاقٍ جديدةٍ جعلتها تفكر بجديّةٍ أكبر في مشروعها التجاريّ.

خلال الأشهر الأولى من جائحة الكورونا فرض الأردن حظرًا صارمًا على جميع أنشطة سكانه وتمكنت شيخة من استخدام فطنتها لتوجيه مشروعها لتلبية طلب الزبائن خلال ذلك الحظر، وتروي شيخة قائلةً “كنت أبيع المونة البلديّة في بقّالة العائلة ولكن بسبب الإغلاقات المفروضة أثناء الحظر لم تستطع أي من المحال التجاريّة الواقعة على الشارع الرئيسيّ من ممارسة عملها مما أثر على دخل العائلة بشكلٍ كبيرٍ. أخذت بعض المواد التموينيّة بما في ذلك الدقيق وبدأت بيعها من منزلي. بعد فترة، نفدت البضاعة ولم يتمكن المورّدون المعتادون من إرسال أي سلعٍ لي، والوحيد الذي استمر بمدي بالبضاعة هو تاجر الدقيق، فكرت في ما يمكن القيام به في مثل هذه الحالة، ولاحظت أن جميع المخابز تفتح أبوابها من العاشرة صباحًا حتى الخامسة مساءًا، والناس بحاجةٍ للخُبز في أوقات أخرى من اليوم”. طلبت شيخة 200 كيلوغرام من الدقيق وبدأت في الخبز والبيع من المنزل، وخلال ذلك الوقت تمكّنت شيخة من جمع صافي دخلٍ شهريٍّ يقدّر بـ 500 دينارٍ إرنيٍّ (926 دولارٍ كنديٍّ). لاحظت شيخة أن عدد المحتاجين زاد بشكلٍ ملحوظٍ في منطقتها بسبب الحظر لذا قامت بتوزيع بعض المواد التموينيّة الأساسيّة مجانًا. بعد انتهاء الإغلاقات عادت المخابز إلى ساعات عملها العادية لذا لم يعد هنالك من طلبٍ على خبز شيخة، ومع ذلك فهي متأكدةً من أنّه يمكنها أن تجد فرصةً لكسب العيش في أي ظروفٍ صعبةٍ قد تواجهها، حتى أفراد عائلتها تعلموا من تجربتها كيف يواجهون الظروف الصعبة بقوةٍ واستقلاليّة. عادت شيخة لبيع منتجاتها السابقة وبدأت في عرضها في بقّالة الأسرة الصغيرة آملةً أن تظهر هذه المنتجات يومًا على أرفف محلات السوبر ماركت الكبرى في البلاد.