في بعض الأحيان كل ما تحتاجه المرأة لتحقيق ذاتها وإظهار قدراتها هو مقابلة شخصٍّ يدرك هذه القدرات. وهذا ما حدث مع إسراء الزعبي والتي كانت مجرد ربّة منزلٍ تقليديّةٍ للغاية تعتني بأطفالها الأربعة وتعنى بشؤون المنزل. لمف تفكر إسراء أبدًا في طريقةٍ للحصول على مصدر دخلٍ خاصٍ بها وكونها بالكاد تغادر منزلها كان تعرّفها على ردينة حداد- المؤسسة والمديرة التنفيذيّة لشركة بوكأجري- نقطة تحوّلٍ رئيسيّةٍ في حياتها. تعرفت إسراء لأول مرة على بوكأجري من خلال مشاركتها بأنشطة جمعيّة المرجان الخيريّة في البلقاء حيث حضرت بعض الفعالياّت التي نظمتها المؤسسة لتحسين معارفها العامّة وتعلّم مهاراتٍ جديدةٍ.
التقت ردينة حداد بمجموعةٍ من نساء المجتمع المحليّ الذي تنتمي له إسراء لعقد سلسلة محاضراتٍ حول الممارسات التجاريّة الناجعة وكذلك تبادل الخبرات الشخصيّة في مجال ريادة الأعمال، حيث عبّرت ردينة عن شغفها بالعمل مع المزارعين والمزارعات القادرين والقاردات على استضافة تجاربٍ سياحيّةٍ فريدةٍ لدفع نمو المشاريع الصغيرة. أشارت إسراء في البداية إلى أن جارتها لديها القدرة على استضافة السيّاح في مزرعتهم، لكن ردينة شعرت أن إسراء تتوفر فيها الميّزات المطلوبة بشكلٍ أفضلٍ، وكانت هذه بداية التعاون بينهن وبداية رحلة إسراء كصاحبة مشروعٍ صغير. أثبتت إرشادات ردينة أنها لا تقدّر بثمن، حيث تلقّت إسراء تدريبًا على كيفية ضمان جودة المنتج والتغليف واستخدام العلامات التجاريّة وتسعير المنتجات وأصول الضيافة والتعامل الآمن مع الطعام وعرض أنشطة السياحة الزراعية.
كان لمحاولة إسراء الأولى لإستضافة السيّاح وقعٌ سيّىءٌ عليها، إذ وصلت المجموعة الأولى من السيّاح الذين استضافتهم إسراء مع بوكأجري في آذار 2017، لكن الطقس الغائم أجبرها على نقل الأنشطة إلى داخل المنزل مما أعاق تجربة صنع مناقيش الزعتر والخبز المحليّ بشكل كليّ. زرعت هذه التحديات الشكوك في ذهنها حول احتمالية نجاح مشروعها، لحسن الحظ كانت تجربة مجموعتها الثانية من السيّاح أفضل بكثير حيث كان الطقس صافٍ ومستقرّ مما دفع تلك المجموعة لتكرار زيارتها مرتين أو ثلاث مرّات أخرى. بعد عامين، وبدعم من ميدا، ساعدت بوكأجري إسراء على تركيب مظلّةٍ واسعةٍ بالإضافة إلى طاولاتٍ وكراسٍ وموقدٍ لتوفير تجربةٍ أكثر راحةٍ لضيوفها من السيّاح حيث تشركهم إسراء في صنع المناقيش في حديقتها. في السابق، كانت إسراء تعتمد كليًّا على زوجها لتغطيّة مصاريفها ومصاريف العائلة أما الآن فلديها دخلها الخاص الذي يقارب 300 دينارًا أردنيًّا (558 دولارًا كنديًا) شهريًا. علاوة على ذلك، فهي تدعم جارتها من خلال شراء نباتات الزعتر البريّ منها والذي تنتج منها الزعتر البلديَ وتبيعها للسيّاح بعد قيامهم بتجربة صنع الزعتر البلديّ والمناقيش.
تقول إسراء بفخرٍ “لقد بدأت أيضًا ببيع بعض منتجاتي الغذائية مثل الأوريجانو والسماق والسمسم وأعشاب أخرى في عمان”. لاحظت إسراء أنها باتت أكثر ثقةً عند تعاملها مع الآخرين وأكثر ميلًا للخروج على الرغم من العادات الاجتماعية السائدة. أظهرت عائلتها، بما في ذلك زوجها وحماتها وأطفالها الأربعة، دعمًا استثنائيًّا لها عن طريق مساعدتها في أنشطة مشروعها. لقد تغيّر موقف زوجها بشكلٍ ملحوظ من عملها حيث أدرك أن إسراء تتحمل المزيد من المسؤولية والاستقلالية، وتضيف إسراء قائلةً “أنا لست نفس الشخص الذي كنته سابقًا فأنا مندهشةً من الأفكار الجديدة التي يمكنني الخروج بها “.
في عام 2019 ، تلقّت إسراء من خلال بوكأجري دعوة من اتحاد مصدّري الخضار والفاكهة للمشاركة في معرضٍ زراعيٍّ في قطر، حيث قدّمت إنجازاتها وإنجازات نساءٍ أخريات من مجتمعها المحليّ، وكنتيجةٍ لمشاركتها وإظهار إمكاناتها للنمو مع بوكأجري، حصلت إسراء على منحةٍ من المؤسسة الأردنيّة لتطوير المشاريع سمحت لها بزراعة 5000 شتلةً من الزعتر البريّ. في المستقبل، تخطط إسراء لبناء مطبخٍ إنتاجيٍّ منفصل عن مطبخها الحاليّ والذي سيسمح لها بتوظيف نساءٍ أخريات من مجتمعها لكسب دخلٍ ملائم.